كانت الحرب العالمية الثانية واحدة من أكبر الصراعات فى التاريخ، إذ اجتاحت قارات بأكملها وامتدت من عام 1939 إلى عام 1945، وقد تم حشد ما يقارب 127.2 مليون شخص للحرب من مختلف الجبهات، قاتل منهم حوالي 70 مليونًا في صفوف القوات المسلحة لدول الحلفاء أو دول المحور.
رغم أن هذه الأرقام تكشف عن الحجم الهائل للحرب، فإنها لا تخبرنا الكثير عن الجنود أنفسهم، لكن، عند النظر عن كثب إلى ما كان يحمله الجندي الأمريكي العادي في جيوب زيه العسكري، نكتشف لمحة أكثر إنسانية عن تجربة الحرب تفاصيل صغيرة، لكنها معبرة، ترسم لنا صورة أوضح لحياة أولئك الذين خاضوا هذا الصراع العنيف.

الحرب العالمية الثانية
من بين أكثر الأغراض الشخصية التي حملت بعدًا عاطفيًا كبيرًا كانت صور الجيب وهي صور صغيرة الحجم، غالبًا ما كانت لأحبّاء، مثل الزوجات أو الأطفال أو الآباء. حملها الجنود معهم لتكون تذكارًا دافئًا من الوطن، ووسيلة للتشبث بالهوية الشخصية وسط بيئة عسكرية جماعية صارمة.
كان النظر إلى تلك الصور بمثابة تذكير دائم بما يُقاتلون من أجله، وقد وصلت أهمية تلك الصور لدرجة أن بعض الجنود وضعوها خل شريط شفاف على مقابض مسدساتهم، في شكل من أشكال التخصيص الشخصي للأسلحة، يعرف بـ"قبضة الحبيب.
وشكلت أيضًا السجائر جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للجنود في الحرب العالمية الثانية، إذ يُقدّر أن نحو 75% منهم كانوا مدخنين. وُزّعت السجائر ضمن الحصص الغذائية، في علب تحتوي على ثلاث أو أربع سجائر، غالبًا إلى جانب أعواد ثقاب مقاومة للماء.
ساعدت السجائر في تخفيف التوتر ورفع الروح المعنوية، وكانت لحظة التدخين فرصة نادرة للراحة في خضم الفوضى. حتى غير المدخنين احتفظوا بالسجائر، لأنها كانت تُستخدم كنوع من العملة في التعاملات اليومية، وفقا لما ذكره موقع هيستورى فاكت.
ونظرًا لشيوع التدخين، انتشرت الولاعات بين الجنود، وكانت ولاعة "زيبو" واحدة من أكثر الأدوات الشخصية شهرة وانتشارًا في صفوفهم.
وكانت القراءة وسيلة فعّالة لتخفيف الملل خلال فترات الانتظار الطويلة، كما منحت الجنود متنفسًا فكريًا من ضغوط الحرب. ونظرًا لصعوبة حمل الكتب الكبيرة، تعاون الناشرون الأمريكيون مع الجيش لطباعة كتب جيبية صغيرة الحجم، صُمّمت خصيصًا لتناسب جيب الجندي.
تم طباعة أكثر من 122 مليون نسخة من هذه الكتب، والتي شملت مؤلفات كلاسيكية من أمثال ديكنز وشكسبير، إلى جانب روايات غموض وقصص غربية خفيفة.
وكان هناك أيضًا الدليل الجيبي الذي وزع على الجنود قبيل توجههم إلى بلدان أجنبية، حيث قدّم معلومات مبسطة عن العادات واللغة والثقافة المحلية، مما ساعدهم على التكيف مع البيئات الجديدة وتجنّب الاصطدام مع السكان المحليين.
من الأغراض البسيطة والشائعة في جيب الجندي كان المنديل القماشي، رغم بساطته، إلا أن له استخدامات عديدة: من النظافة الشخصية، إلى كونه ضمادة إسعافية، أو عصابة للرأس، أو قناعًا واقيًا من الغبار، وحتى وسيلة للإشارة أو لتصفية المياه.
في بعض الحالات، استخدم المنديل لأغراض أكثر سرية، إذ طُبعت عليه خرائط الهروب والتهرب التي يمكن لوات الحلفاء استخدامها إذا وقعوا خلف خطوط العدو.
وحملت بعض المناديل طابعًا عاطفيًا خاصًا، فكانت مطرزة برسائل أو رموز شخصية، تقدم كهدايا تذكارية للعائلة أو الأحباب، أو كتذكار من الجندي إلى من يحب، عند عودته من الحرب.